تعريف بالمؤسسة
________________________________________
فلسفة تأسيس المؤسسة
بتوجيهات الإمام الخميني (قده) تأسست جمعية مؤسسة الشهيد الخيرية الاجتماعية كتعبير عن مكانة الشهيد وقدسيته في مسيرة المقاومة الإسلامية، وعن مدى الاهتمام والتقدير في هذه المسيرة لتضحيات المجاهدين والشهداء، ولتشارك من خلال ذلك في صناعة مجتمع المقاومة والاستشهاد عبر التكريم والرعاية لعوائل الشهداء الذين يمثلون النواة الأساسية لهذا المجتمع، وحيث يشكل تطور قبولهم لثقافة الاستشهاد في مواجهة الأعداء، عاملاً في استنهاض الأمة والتفافها حول المقاومة، ولذلك كانت ثقافة الجهاد والشهادة في قلب رسالة المؤسسة والترويج لها هدفاً لأعمالها وأنشطتها وبرامجها المتنوعة.
أ- رسالة المؤسسة
إن تأسيس مؤسسة تحمل اسم الشهيد ينطلق من نظرة الاحترام والتقديس والتقدير الذي يحمله الإسلام المحمدي الأصيل للشهادة باعتبارها ذروة العبادة والتضحية في سبيل الله عز وجل والتخلي عن كل شيء للوصول إلى الكمال الإنساني بالقرب من الله سبحانه وتعالى، وهو كما يساهم في صناعة شخصية الأمة بالاتجاه الصحيح ويحصنها في مواجهة الغزو الثقافي الداعي إلي التحلل من القيم ، يساهم من جهة أخرى في استكمال حلقة المقاومة للعدو الإسرائيلي إلى جانب الجهاد العسكري عبر الانعكاس الطيب الذي يتركه الاهتمام بعوائل الشهداء بمشاركة كل شرائح الأمة على معنويات المجاهدين المرابطين على الثغور في لبنان وفلسطين وفي كل مكان.
الأهداف العامة
1- تعميق العلاقة بالإسلام المحمدي الأصيل كدين ونظام حياة.
2- العمل على نشر ثقافة الجهاد والشهادة والمحافظة على قدسية الشهداء.
3- الرعاية الشاملة للعوائل في سبيل الوصول بهم إلى مرحلة الاعتماد على النفس وبما يحفظ معنوياتهم.
4- تعزيز ثقافة التكافل الاجتماعي في المجتمع.
5- دعم مسيرة المقاومة الإسلامية في لبنان.
ب- نبذة تاريخية عن التأسيس
جمعية مؤسسة الشهيد الخيرية الاجتماعية، جمعية خيرية في لبنان تأسست عام 1982 على اثر الاجتياح الإسرائيلي وذلك بتوجيهات من إمام الأمة الراحل الخميني العظيم (قده). وكان الهم الأساسي للجمعية الاهتمام برعاية الآلاف من اسر الشهداء والأسرى والمعتقلين الذين كانوا يسقطون بفعل هذا العدوان والذي استمر حتى العام 2000 حين خروج العدو الإسرائيلي مدحوراً مهزوماً من لبنان.
منذ البداية كانت إسهامات سيد شهداء المقاومة الإسلامية في لبنان السيد عباس الموسوي (قده) وشيخ الشهداء الشيخ راغب حرب كبيرة في انطلاقة هذه الجمعية وكذلك كان هناك دور كبير لسماحة السيد عيس الطباطبائي في مواكبة ودعم مسيرة هذه الجمعية.
حصلت الجمعية على العلم والخبر من وزارة الداخلية في 30/1/1988 تحت الرقم 37/أ.د. وعلى صفة المنفعة العامة في 17/8/1995 تحت الرقم 7115.
الرعاية
________________________________________
أ- السياسات الرعائية العامة
اعتماد مبدأ الرعاية الأسرية، بحيث يتربى أبناء الشهداء ضمن أسرهم وبين أهلهم من اجل ضمان سلامة البيئة والمحيط والتوازن النفسي والعاطفي لدى هؤلاء الأبناء والتشجيع على اندامجهم في المجتمع في سبيل امتلاكهم عناصر القوة لمواجهة متطلبات الحياة (العلم والإيمان والإرادة والاختصاص المناسب).
إعطاء الأولوية للبرامج الثقافية باعتبار الجمعية ذات محتوى ثقافي واعتماد البرامج التربوية الهادفة لبناء شخصية إيمانية جهادية لأبناء الشهداء بحيث يسير الأبناء على خط آبائهم الشهداء في درب الجهاد والمقاومة وعلى نهج الإمام الخميني المقدس.
الاستفادة من جميع أشكال الدعم المادي والمعنوي من قبل الداعمين والمساهمين لفئات وشرائح المجتمع في سبيل حمل أمانة الشهداء والأبرار.
ب- البرامج الرعائية
تعمل المؤسسة على الرعاية الشاملة لعائلات واسر الشهداء في سبيل الوصول معهم إلى مرحلة الاعتماد على النفس.
وتشمل برامج الرعاية
• التقديمات الاجتماعية المادية: مالية منتظمة بصورة شهرية.
• خدمات صحية شاملة وبرامج توعية وإرشاد صحي.
• خدمات تعليمية وتربوية لأبناء وبنات الشهداء.
• برنامج خاص بالتوجيه والإرشاد التربوي.
• توفير فرص التدريب والتأهيل المهني لذوي الشهداء.
• الاهتمام بالحاجات السكنية للعوائل المحترمين.
• الاهتمام بالجانب التربوي للأبناء في سبيل مساعدتهم لامتلاك شخصية ملتزمة ومستقيمة من خلال مشاركتهم في الأندية الرياضية والفنية والمخيمات الصيفية والأنشطة الكشفية وغيرها.
كما تسعى المؤسسة لمشاركة الأبناء في المباريات والأنشطة والمسابقات الثقافية.
• الاهتمام بالجانب الاجتماعي والتربوي لدى الزوجات في سبيل تنمية قدراتهن الفكرية والمهنية والفنية.
• تمتين الروابط الأسرية من خلال:
- مساندة العائلة للتأقلم مع الوضع المستجد بعد استشهاد الشهيد.
- المساندة في سبيل إعادة بناء الأسرة من جديد.
• برنامج في سبيل حفظ ممتلكات وحقوق عوائل الشهداء من النواحي القانونية والشرعية.
الأنشطة الثقافية
________________________________________
تهتم المؤسسة بالشأن الثقافي لعائلات الشهداء حيث تقوم بعدة أنشطة هادفة أبرزها:
1- الاهتمام بإقامة الأنشطة الثقافية المتنوعة لأسر الشهداء (دورات صيفية، مسابقات، توزيع كتب ومجلات، رحلات ...).
2- إحياء المناسبات الإسلامية العامة.
3- الاهتمام بالقرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة للرسول الأعظم (ص) وسيرة أهل البيت(ع).
4- إقامة رحلات سنوية إلى الأماكن المقدسة.
5- نشر وصايا وآثار الشهداء الأبرار.
6- المساهمة في نشر ثقافة الجهاد والشهادة من خلال إصدارات ثقافية تتعلق بالشهداء والشهادة.
برامج التكافل الاجتماعي
________________________________________
تعمل مؤسسة الشهيد على الإفساح في المجال لجميع أبناء هذه الأمة المجيدة للمساهمة في دعم مسيرتها من خلال مجموعة من برامج التكافل الاجتماعي والتي تعنى بتمويل احتياجات عوائل الشهداء والأسرى في لبنان.
تهدف برامج التكافل لتحقيق عدة أهداف:
1- رفع حس المسؤولية في المجتمع وتنمية روح العمل التطوعي.
2- دعم برامج الجمعية الرعائية المختلفة.
3- تعزيز ثقافة التكافل الاجتماعي في أوساط الأمة.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -- - - - - - -- - -
- الأنشطة
تعمل الجمعية على تنظيم عدة أنشطة في إطار التواصل وبناء العلاقة مع المساهمين أبرزها:
• إفطارات شهر رمضان المبارك.
• أنشطة خاصة بالكفلاء والمساهمين (رحلات ، تكريم ، لقاءات...).
• إصدار بطاقات تهنئة في المناسبات.
• مشاركة الكافلين والمساهمين في مناسباتهم الاجتماعية.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -- - - - - - -- - -
- برنامج التكفل
يوفر البرنامج كفالة سنوية لابن أو ابنة الشهيد بحيث يمكن لأي متبرع أو مساهم أن يكفل واحد أو اكثر من أبناء الشهداء الأبرار. وتقوم الجمعية وبناءً لرغبة الكافل بتأمين ملف كفالة لكل ابن شهيد.
وتعمل المؤسسة على فتح حساب مصرفي لكل ابن شهيد.
قيمة المساهمة السنوية لكفالة واحد من الأبناء لا تقل عن 360$ ويمكن أن تقسط شهرياً بمعدل 30$ فقط.
يمكن للكافل أن يتكفل عدداً من الأبناء دفعة واحدة. كما يمكن أن يرفع نسبة مساهمته إذا رغب في ذلك. مع الإشارة أن الكفالة تغطي أعباء التعليم والطبابة والاحتياجات المعيشية والأنشطة الترفيهية والتربوية وغيرها.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -- - - - - - -- - -
برنامج التخصص: مساندة أبناء الشهداء للتخصص والدراسات العليا
يعنى بتأمين الكفالات والمساهمات أو القروض للطلاب الراغبين في التخصص أو الدراسات العليا. لضمان وصولهم إلى أعلى المراتب العلمية.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -- - - - - - -- - -
برنامج الاشتراك الشهري
هذا البرنامج موجه لذوي الدخل المحدود وباستطاعة أي مساهم أن يسهم في تلبية احتياجات الأسر بمقدار عشرة آلاف ليرة لبنانية أي ما يقارب 7 دولارات شهرياً.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -- - - - - - -- - -
برنامج الدعم الصحي
يعنى هذا البرنامج بتوفير الدعم للبرامج والخدمات الصحية التي توفرها الجمعية لعوائل الشهداء وخصوصاً لكبار السن من الأهل، وخصوصاً:
1- تأمين الأدوية لحالات الأمراض المزمنة.
2- توفير العلاج لحالات الأمراض المستعصية (السرطانية، وحالات الشلل وغيرها).
3- توفير العلاج في الخارج في بعض الحالات
مستشفى الرسول الأعظم (ص)
www.arrasoul.com ________________________________________
1- لمحة تاريخية
مستشفى الرسول الأعظم (ص) أحد مشاريع مؤسسة الشهيد، تأسس العام 1988، يقع على طريق مطار بيروت الدولي ، مصنف من وزارة الصحة العامة أ خمس نجوم، حصل على المرتبة الأولى في جبل لبنان والثانية في لبنان بناءً لنظام الاعتماد المقرر من وزارة الصحة والمنفذ من شركة OPCV الأسترالية، حائز على شهادة الجودة 2001-2000 ISO في كانون الأول 2003.
2- رسالة المستشفى
تأمين الرعاية الصحية الفضلى لجميع المرضى دونما تمييز وإيلاء العناية الخاصة لعوائل الشهداء والمجاهدين والجرحى والأسرى وللمستضعفين عموماً مما يؤدي إلى أقصى رعاية ممكنة للمرضى والاهتمام بحاجاتهم مع ما يستتبع ذلك من استخدام عناصر الجودة والنوعية في الخدمات والتجهيزات.
3- خدمات المستشفى
تؤمن المستشفى داخل طوابقها الستة مختلف الخدمات الطبية والجراحية ، وبلغ إجمالي خدماتها للعام 2003 (383305 حالة مرضية)
• لمزيد من التفاصيل يرجى مراجعة موقع المستشفى
www.arrasoul.comمعهد الرسول الأعظم(ص) التقني
________________________________________
تأسس المعهد في 3 كانون الثاني 1989 تلبية لحاجة مستشفى الرسول الأعظم (ص) ولطلب السوق الصحي.
اختصاصاته: اختصاصات رسمية واختصاصات خاصة.
الاختصاصات الرسمية
BP مساعد ممرض وقد خرج حتى نهاية العام الماضي 681 طالب وطالبة.
BT عناية تمريضية وقد خرج حتى نهاية العام الماضي 300 طالب وطالبة.
TS عناية تمريضية وقد خرج نهاية العام الماضي وحتى اليوم 23 طالب وطالبة.
TS تصوير طبي ---- هذا العام سيخرج المعهد الدفعة الأولى.
BT بيع وعلاقات تجارية وقد خرج حتى نهاية العام الماضي وحتى اليوم 51 طالب وطالبة.
BP محاسبة وقد خرج من نهاية العام الماضي وحتى اليوم 370 طالب وطالبة.
الاختصاصات الخاصة
خرج المعهد منذ التأسيس وحتى اليوم ما لا يقل عن 6000 طالب وطالبة في اختصاصات عدة منها:
المحاسبة، اللغة الإنكليزية والفرنسية، الكمبيوتر، محو الأمية، التزيين النسائي وغيرها.
لمزيد من التفاصيل يراجع موقع مستشفى الرسول الأعظم (ص) على العنوان التالي
www.alrasoul.org المقدمة:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله الذي جعل المسلمين خير أمّة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر([1])، وجعلهم شهداء على الناس، وجعل الرسول عليهم شهيداً([2])،والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله، الصادع بالحق المبين، والمبلغ لرسالات رب العالمين، وعلى أهل بيته الطاهرين المعصومين وأصحابه الأبرار المنتجبين، وبعد:
فهذه لفتة لا يخفى فحواها على العاملين في خدمة الدين الحنيف، الملمين بالثقافة الإسلامية، نوطئ بها – كما جرت بذلك العادة – لموضوع لا يختلف اثنان على أهميته البالغة، وهو: "حفظ وتنظيم ونشر آثار الشهداء" في خطوة عملية لإحياء أمرهم، واستمرار قضيتهم، ونقل ثقافتهم الرائدة إلى الأجيال اللاحقة، ليستمر الخفقان، وتستمر الحياة في شرايين هذه الأمة الناهضة.
مقام الشهداء:
يأتي مقام الشهداء قريباً من مرتبة الأنبياء، فهم في مقدمة أصحاب البر والعطاء، فقد جاء في الحديث عن رسول الله 3: "فوق كل ذي برٍّ برّ، حتى يقتل الرجل في سبيل الله فليس فوق ذلك بر.."([3])، وقد دعا أمير المؤمنين C لبعض أصحابه فقال: "اللهم ارزقه الشهادة في سبيلك والموافقة لنبيك.." ([4])، فهم في النعمة شركاء مع النبيين والصديقين والشهداء، قال تعالى: [وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً] ([5]) ومن مظاهر النعمة عليهم أنهم أحياء عند ربهم يرزقون [وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ]([6])، وهذه النعمة يشاركون فيها الأنبياء الذين هم شهداء على أممهم، قال تعالى: [ …لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ]([7]).
وفي يوم القيامة، عندما يحشر الناس للحساب، يقف الشهداء في صف النبيين في مواجهة الأمم والشعوب ليشهدوا بين يدي الله على الأفراد والجماعات ويشهدوا لهم قال تعالى: […وَجِيء بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ]([8]). وما من شك أن الأمة التي يكثر عدد شهدائها والمضحين فيها تفخر على بقية الأمم والشعوب، سواء في هذه الحياة الدنيا، أو في الآخرة، ومازالت أنوار الشهداء تشرق في الأجيال المتعاقبة حتى لقد قيل "ما قام مسجد إلا بدماء شهيد"، وما من شك أن دماء الشهيد - وهذا يمكن معاينته على أرض الواقع - يستمر عبيطاً فواراً يعتلج في قلوب أولي الألباب، وينشر شذا الرسالة فإذا ببطاح الأرض مملوءة بصيحات التكبير ونداء لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين.
حرمات الله:
يمكن القول أن الشهداء في الأمة لا يختلف حالهم عن حال الحرمات التي تشكل عناوين القداسة في الأمة، كالمساجد، والأولياء ومقاماتهم، والكتاب الكريم، وشعائر الإسلام في البيت الحرام، وغيرها من الشعائر، وقد قال تعالى: [ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ]([9])، وقال أيضاً: [ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ]([10])، ومعلوم أن شعائر الحج والكثير من المراسم، إنما هي خطوات سبق إليها الأنبياء والشهداء في مسيرتهم الإلهية، مثل خطوات إبراهيم C، وزوجه هاجر، وولده إسماعيل F، وقد حظيت هذه الخطوات الخالصة لوجه الله بمقام رفيع عند الله فجعلها سبحانه وتعالى شعائر تُقَرِّب العباد منه.
ولا يتطرق الريب في أن دماء الشهداء هي من بين تلك الحرمات، فإن دم الشهيد إذا سقط فإنه يسقط بيد الله سبحانه وتعالى وإذا كان الله يربي الصدقات فإن أحسن البر هو بذل الدماء في سبيل الله، ومن هنا قال الإمام الخميني Q: "اقتلونا فإن شعبنا سيعي أكثر…".
لذلك، علينا ونحن نشعر بأهمية دماء الشهداء خاصة بعد الذي تحقق من نصر الله وإنجاز وعده، وظهور صدق وطهارة وقداسة تلك الدماء، التي بذلت خالصة لوجه الله ونالت شرف قبوله سبحانه وتعالى... علينا أن نرعى ونحفظ تلك الدماء من خلال الحفاظ على آثار الشهداء، وتراثهم وأخبار جهادهم، ليكونوا شعائر تهتدي بها الأجيال المتعاقبة إلى سيرة بطولة أولئك الشهداء البررة، وبالتالي يتصل مستقبل الأمة بحاضرها كما اتصل حاضرها بماضيها من خلال إحياء ذكرى شهداء الأمة وفي مقدمهم شهداء كربلاء...
أحيوا أمرنا:
لقد أكد الإمام الراحل الإمام الخميني Q في أكثر من مقام أهمية دماء الشهداء خاصة دماء سيد الشهداء الإمام الحسين C وأهل بيته وصحبه التي سُفكت في كربلاء في العاشر من مُحرم.
وهل يغيب عن ذهن أحدٍ منا ما لدماء الإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام ولدماء أهل بيته الميامين وأصحابه الأبرار من أثر في إحياء أمة محمد 3 حتى لقد قال رسول الله 3: "حسين مني وأنا من حسين"، ومازال أهل البيت يوصوننا بزيارة الإمام الحسين C، والبكاء عند قبره، وإقامة عزائه في كل عام، فقد روي عن الإمام الرضا C قوله: "فعلى مثل الحسين فليبكِ الباكون..." ثم قال: " كان أبي C إذا دخل شهر محرم لا يُرى ضاحكاً..." ([11])، وكان علي بن الحسين H يقول: "أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين C حتى تسيل على خديه بلّغه الله بها غرفاً يسكنها أحقاباً..." ([12]).
والأحاديث في ذلك لا تكاد تحصى، وقد اشتهر عنهم F قولهم: "أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا..."، وقد شهد التاريخ ما لهذا الإحياء من إحياء لأمة محمد 3، وإحياء لأهداف الإمام الحسين C، وإعلاء لكلمة الله وراية الإسلام... وقد أدرك الإمام الخميني Q أهمية عاشوراء، فأعاد بعث الروح في مراسمها بقوله: " كل ما لدينا من بركة إحياء المجالس الحسينية".
ومعلوم أن من مظاهر إحياء مراسم عاشوراء، إقامة المجالس، وزيارة المقامات، وعمارتها، وحفظ آثار أهل البيت F، مثل منازلهم، ومخطوطاتهم، وأماكن قبورهم وما شابه ذلك، لأن بقاء الأثر أدعى لحفظ الذكرى وأقوى لتمتين الرابطة بين الأجيال اللاحقة والأجداد السالفين.
الأمم الحية:
واليوم، لا تُعرف حضارة الشعوب السالفة، إلا من خلال آثارهم، سواء في ذلك آثار مساكنهم، أو تراثهم الفكري أو غير ذلك، وكم هناك من الأمم المتحضرة والتي لم تترك آثاراً تذكر بها، بادت ومضت دون أن يعلم بها أحد...
والحقيقة أن بقاء الذكر، واستمرار التراث الحضاري ليس مطلوباً بذاته فقط، بل هو بالنسبة للأمة الإسلامية ذات الرسالة الإلهية، مطلوب من أجل استمرار تلك الرسالة، قوية، حية، متألقة، من هنا فإن "الأمم الحية المهتمة بتاريخها تسعى إلى صيانة كل أثر تاريخي له صلة بماضيها، ليكون آية على أصالتها وعراقتها في العلوم والفنون، وأنها ليست نبتة بلا جذور، أو فرعاً بلا أصول"([13]).
ومعروف لكل منا، أن مسيرة الشهادة هي التي أعزّت هذه الأمة كلّما حاول الشرق والغرب إذلالها، ورفعت من شأنها وحرّرت أرضها وإنسانها، فمن أجل الحفاظ على هذه المسيرة، والروح التي دفعت الأمة للتسابق إلى الشهادة من أجل حفظ حقوق تلك النفوس الطاهرة، والمهج الغيورة المندفعة حباً بالله، لتكون طليعة هذه الأمة ومفاخرها وقرابينها.. ومن حقهم علينا، ومن حقّ الأجيال المتعاقبة أيضاً، أن تحفظ آثار هؤلاء، لتكون دليلاً إليهم، وإحياءً لقضيتم، وانتصاراً لأمة الإسلام...
"ولقد دعت تلك الغاية السامية الشعوب الحية لإيجاد دائرة خاصة في كل قطر لحفظ التراث والآثار"([14]).
"إن التراث بإطلاقه، آية رقي الأمة، ومقياس شعورها ودليل تقدُّمها في معترك الحياة"([15]).
وإذا كنا الآن لا نشعر بأهمية حفظ آثار الشهداء لأننا قريبي عهد بهم، ولم تغب بعد عن ذاكرتنا أيامهم، وأخبار وقائعهم، وصدى صيحات تكبيرهم، فسرعان ما تمر الأيام، وتماث من ذاكرة الأجيال تلك الأخبار، ويطول عليها الزمن، فيذهب بذهابها إشراق أنوار الشهادة وتغيب عن البال دواعي مواطن العزّة، وتطوى صفحات مجد ينبغي أن لا تطوى...
وهذا ما أكدّ عليه سماحة الإمام القائد علي الخامنئي (دام ظلّه) بقوله: "الشهيد هو الإنسان الذي يُقتل في سبيل الأهداف المعنوية، ويضحي بروحه التي هي الجوهر الأصلي لكل إنسان لأجل الهدف والمقصد الإلهي، والله تعالى يرد على هذا الإيثار والتضحية العظيمة بأن يجعل ذكر ذلك الشخص وفكره حاضراً دائماً في أمته ويبقى هدفه السامي حياً".
من هنا نسأل الله أن يوفقنا للعمل على حفظ آثار الشهداء الأبرار على الصورة الصحيحة، وبالشكل الذي يحفظ كرامة الشهداء، ويعزي أهاليهم، ويعزي الأمة بهم، ويحفظ لهذه الأمة المباركة المضحية روحها الحية، وعزتها وكرامتها، ويرفع من شأنها ويظهرها على الأمم، ويرفع راية التوحيد، ويعلي كلمة الدين، ويخمد دعوة المستكبرين والطغاة والظالمين.
[رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ]([16]) صدق الله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين.
1- أهداف المركز:
على ضوء ما تقدم، يهدف المركز إلى إبراز العمل المقاوم، وجمع وحفظ تراث المقاومة خاصة تراث الشهداء ولاحقاً الجرحى والأسرى، إضافة لتأريخ منجزات المقاومة وأعمالها على امتداد مساحة عملها، ويشمل اهتمام المركز كافة النشاطات مثل جمع الآثار الثقافية، الفنية، الجهادية، العملية وغيرها... وحفظها وصيانتها وتوثيقها، كما يشمل البحوث والدراسات والنشر وإقامة المعارض والمؤتمرات وكل ما من شأنه إحياء ذِكْر الشهداء ونشر عُطر الشهادة.
2- مهام المركز:
لتحقيق أهداف المركز لا بد من العمل على تبيان مفهوم الشهادة والإيثار في الإسلام، وتحديد عناصر اتساع ونمو ثقافة الاستشهاد، والعمل على تقوية تلك العناصر وترويجها، واكتشاف وتحديد العناصر المخربة والمانعة لثقافة الشهادة والإيثار والمشاركة الفعّالة في القضاء عليها، ويتم ذلك من خلال خطواتٍ عملية تندرج تحت عنوان مهام المركز وتتلخص فيما يلي:
أولاً: جمع ما أمكن من آثار الشهداء على اختلاف أنواعها بما النتاجات الثقافية وغيرها، وخاصة الثياب التي استشهد فيها الشهداء لما لها من أثر حي في النفوس.
ثانياً: جمع وصايا الشهداء ورسائلهم، خاصة الشهداء الذين قضوا فترة في الأسر، ويهدف جمع هذا التراث إلى إنشاء قاموس خاص بالشهداء، ونشرها بأساليب مختلفة بالاستفادة من كل الوسائل المتطورة.
ثالثاً: جمع الشهادات الشفهية من أهالي وأقارب وأصدقاء الشهداء، بحيث تُحفظ سيرتهم، وما خلّفوه من ذكريات تصلح أن تكون درساً تربوياً للأجيال القادمة.
رابعاً: العناية بمقابر ومقامات الشهداء، وإقامة نُصب تذكارية في مواقع استشهادهم خاصة الشهداء الذين كان لشهادتهم دوراً بارزاً في مسيرة المقاومة الجهادية بالتعاون مع الجهات الصالحة لذلك.
خامساً: إقامة متحف مركزي لآثار الشهداء، إضافة لمتاحف محلية في المناطق لنشر ثقافة الشهادة.
سادساً: إقامة المعارض السنوية ومعارض المناسبات لاستمرار إطلالة الشهداء على واقع الأمة ومسيرتها الجهادية، (ويدخل في هذا الإطار إقامة المعارض على هامش المجالس العاشورائية).
سابعاً: العمل على تسمية المؤسسات المختلفة بأسماء الشهداء للحفاظ على ذكر الشهداء في ضمير الأمة.
ثامناً: نشر القصص عن سيرة الشهداء وتشجيع التأليف الأدبي في هذا المجال وتشجيع الكتاب والباحثين للكتابة في مجال الشهيد والشهادة وإظهار قيمة الشهادة وأثرها في التراث الإسلامي.
تاسعاً: أما بالنسبة للشهداء العلماء، فلا بد من العناية بهم عناية خاصة عن طريق:
1. جمع وتحقيق نتاجاتهم الفكرية وخاصة خطب الجمعة وخطب المناسبات والمقابلات الصحفية والإذاعية والتلفزيونية.
2. جمع ما أمكن من الشهادات من طلابهم وزملائهم لحفظ سيرتهم الجهادية لتكون قدوة للأجيال اللاحقة.
3. إنتاج أعمالهم الكاملة مع فهرسات موضوعية تساعد الباحثين لإنجاز دراساتهم عنهم وعن تجربتهم الغنية.
4. إصدار منشورات وكُتيبات تتحدث عن الموضوعات الاجتماعية والسياسية والأخلاقية وغيرها، وذلك من وجهة نظرهم والمستمدة من تراثهم الفكري.
5. إقامة مؤتمرات علمية لإحياء تراثهم العلمي إضافة للقيام بما أمكن من النشاطات الثقافية في هذا المجال.
6. تشجيع طلاب الدراسات العُليا للبحث في نتاجاتهم العلمية ومراحل حياتهم الجهادية.
عاشراً: فتح صفحة إنترنت لتعريف العالم على الصورة الثقافية للشهداء الذين ساهموا بتحقيق النصر على العدو وأصبحوا قدوة ومَثَل لكل الأحرار في العالم.
وتُنجز مهمات المركز من خلال الخطط السنوية التي تضعها إدارة المركز موضع التنفيذ، ومن خلال هيكليته الإدارية.
________________________________________
(1) سورة آل عمران: 110، [كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ].
(2) سورة البقرة: 143، [وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلاَ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ].
(3) بحار الأنوار، ج74، ص61، ميزان الحكمة، ج5، ح رقم9749.
(4) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج3، ص184، ميزان الحكمة، ح9753.
(5) سورة النساء: 69.
(6) سورة آل عمران: 169
(7) سورة الحج: 78.
(
سورة الزمر: 69
(9) سورة الحج: 30
(10) سورة الحج: 32
(11) ميزان الحكمة، ج6، حديث رقم12712
(12) المصدر نفسه، حديث رقم12716
(14) جعفر السبحاني، "صيانة الآثار الإسلامية"، من سلسلة على مائدة العقيدة، رقم10، ص7.
(15) سورة الحشر 10
3